Status             Fa   Ar   Tu   Ku   En   De   Sv   It   Fr   Sp  

العمود الأول

الإنتخابات الأمريكية، حول الصومال


* أنهى وصول بيل كلنتون الى البيت الأبيض مرحلة ١٢ عاماً من حكم الجمهوريين في أمريكا. إذ انتخب كلنتون برفعه لشعار"التغيير". وليس هناك من شك في أن الشرائح الوسطى والفقيرة والنساء والفئات المضطهدة وكافة الأشخاص الذين كانوا ضحايا السياسات الإقتصادية والهجمة الثقافية والإخلاقية للجناح اليميني طوال أكثر من عقد من الزمان، كانوا يريدون التغيير ووقفوا الى جانب كلنتون. ولكن هؤلاء ليسوا هم فقط من يؤيد كلنتون. فهناك قسم واسع من البرجوازية الكبيرة والطبقة الحاكمة في أمريكا ترى في الحزب الديمقراطي وبيل كلنتون تياراً قادراً على، أولاً: ملئ الفراغ السياسي الناجم من عدم إمتلاك الجمهوريين لبرنامج وإنعدام الأفق أمامهم بعد نهاية الحرب الباردة، وثانياً: إيهام الناس بسهولة أكبر وترويضهم مقابل السياسات الإقتصادية التقشفية التي يسعى الرأسماليون الأمريكيون لتحقيقها. ومنذ الآن وجد" التفاؤل والرغبة بالتغيير" ترجمته العملية الأولى في فكرة " الإستعداد للتضحية الجماعية". إن تفسير كلنتون " للتغيير" لم يكن موضع شك وليس بحاجة للحدس والتفكير. ولكن المسألة الأساسية هي أن البرجوازية الأمريكية ورئيس جمهوريتها الجديد الى أيّ حد إستطاعا حرف وتشويه التفسير الراديكالي والحقاني لدى الناس لهذا الشعار.

 
* إن الصومال هي النموذج الواضح للدور الرجعي للفقر والتخلف الذي حكمت به إعادة الهيكلة الرأسمالية المعاصرة وأزمة المناهج المتنوعة للتنمية الإقتصادية على الكثير من بلدان العالم. الأوضاع الشاقة، الحرب الداخلية، الدكتاتوريات، رؤساء القبائل والعصابات التي تثبط عزيمة الناس بالأسلحة المهداة لها وتنتزع منهم لقمة عيشهم، هي كلها تشكل لون القضية وطعمها ورائحتها.

وليس هناك من شك في ضرورة التفكير بمآسي المجاعة والموت اليومي للناس في الصومال. ليس هناك من شك في ضرورة إستخدام القوة ضد الجماعات المسلحة التي أغلقت حتى طرق المساعدات الإنسانية. إلاّ أن التدخل العسكري الأمريكي في هذه الأحداث، هو الثمن الذي تدفعه البشرية التقدمية، والطبقة العاملة قبل الجميع، بسبب عجزها في القيام بعملٍ ما لإنقاذ وتحرير جماهير الصومال.

إن دوافع الحكومة الأمريكية لاهي إنسانية ولاهي تحررية، بل إنها إمبريالية وعدوانية جملة وتفصيلاً. فالحصار الإقتصادي المفروض على كوبا من قبل أمريكا يهدد بإنهيار إقتصاد جماهير إستطاعت القضاء على الأمية بين صفوفها في ظرف جيل واحد. ويتمتع الزعماء وأشباه قادة القبائل في الصومال بحماية أمريكا ودعمها في كل أنحاء العالم كقادة دول وزعماء دكتاتوريات تتعامل معهم بشكل يومي. وما يجري في الصومال ساعد على تأكيد مكانة أمريكا مجدداً في التدخلات العسكرية في ميدان السياسة العالمية. وما دام هناك إعتراف بهكذا دور للسلاح ومنطق التدخل العسكري في الساحة العالمية، فإن بإمكان أمريكا الإطمئنان على دورها الخاص في السياسة الدولية رغم تراجعها وأفولها الإقتصادي.


منصور حكمت


تم نشر هذا الموضوع في العمود الأول من صحيفة إنترناسيونال صحيفة الحزب الشيوعي العمالي الايراني في عددها الرابع الصادر في شهر شباط عام ١٩٩٣.


ترجمة: يوسف محمد
hekmat.public-archive.net #1060ar.html