Status             Fa   Ar   Tu   Ku   En   De   Sv   It   Fr   Sp  

اسقاط النظام، الثورة و الاشتراكية

رسالة الى حميد تقوائي وفاتح شيخ



العدد ٧٠٠٦
التاريخ ١٧ حزيران ١٩٩٩

عزيزي فاتح، عزيزي حميد

استلمت المقابلة. وبرأيي احتوت هذه المقابلة على تفسير لمسألة الأوضاع السياسية واستراتيجية الحزب السياسية المطروحة فيها، يفرض، نظراً لأهمية الموضوع وأهمية الطرف الذي تجرى المقابلة معه، قالباً ثابتاً وجامداً على الافق السياسي للحزب وتصورنا للمسارات المقبلة في ايران. وعليه، ستُعتَبَر هذه المقابلة، عملياً، إعلان موقف نهائي بصدد المسار العملي للأوضاع السياسية. وبرأيي، أن القرار الخاص بالجمهورية الاشتراكية لاينطوي على مثل هذا القصد. اني، وطبقاً لذلك، لست متفقاً مع مثل هذا التفسير الذي يبسِّط، والى حد كبير، الاوضاع المقبلة في ايران ويطرح تصويراً نموذجياً للمسارات المقبلة بدلاً من كل الاحتمالات الواقعية وهو يخلق، بالطبع، شكلاً من النظرة الاحادية الجانب واستحالة التغيير بل وحتى السذاجة والسطحية في أسلوب تعامل الحزب. واسمحوا لي بتوضيح ذلك.

ان تصوير كلام حميد هو التالي: من المؤكد ان تندلع ثورة في ايران. ستطيح الثورة بالجمهورية الاسلامية. وستقيم الطبقة العاملة، وبدعم الاغلبية العظمى من الجماهير، الجمهورية الاشتراكية. ليس هذا التصوير بخاطيء. لانه على أية حال أحد الحالات الممكنة. لكنه ليس بصحيح لانه ينفي الاحتمالات الاخرى الممكنة. فالنص والسائل لديهما بعض الافتراضات الأخرى التي تشكل موضع سؤال.

ان ثورة قد شرعت في ايران، وعلى حافة الاندلاع، وان الحزب الشيوعي العمالي، وباتخاذه لهذا الشعار اعلن ان الثورة أمر حتمي. وأن من الممكن من الآن تصنيف القوى الى معسكر الثورة ومعسكر الثورة المضادة. وأن هذه الثورة هي ثورة شاملة. وأن المقصود بالثورة هي ثورة ضد الجمهورية الإسلامية، وأنها تنتصر بإسقاط النظام أيضاً، مجمل هذه المسلمات هي برأيي موضع سؤال.

١- برأيي، ليس اسقاط النظام والثورة مرهونان ببعضهما البعض. فإسقاط النظام بغير الثورة هو أمرٌ ممكنٌ ومحتمل أيضاً. فمن الممكن أيضاً أن يكون سقوط النظام نتيجة مسار عسكري، نتيجة أزمة وفوضى، نتيجة عملية عصيان مدني أو تفاعلات انتخابية وغيرها. ومن الممكن أن يكون أيضاً حصيلة انتصار قوى ما بدون القوى الثورية أو معها.

برأيي، ثمة احتمال قوي ان يكون اسقاط الجمهورية الاسلامية لا نتيجة الثورة في ايران، بل احدى لحظات شروع الثورة في ايران. وبتصوري أن الثورة الإيرانية ستكون في بداية اندلاعها مع سقوط الجمهورية الإسلامية وستأتي الصراعات الطبقية الأكثر جدية بعدها. وسيشارك، بتصوري، الكثيرون في اسقاط الجمهورية الاسلامية، ولكن في الثورة، لن تكون "الأغلبية الساحقة من الجماهير" الى جانب العمال.

٢- كذلك إن الجمهورية الاشتراكية ايضاً ليست مرهونة بالثورة على النظام. وبتصوري أن إعلان الجمهورية الاشتراكية يمكن أن يكون أيضاً ثمرة انتصار عسكري، أو ثمرة اختطاف السلطة في حالة فراغ سياسي، أوثمرة انقلاب أو أي شيء آخر. ذلك لان بوسع الجمهورية الاشتراكية ان تظهر بوصفها دولة مرحلة ثورية، ومرحلة الأزمة. ومن الممكن أن تكون إقامة حكومة المجالس العمالية، بعد إعلان الجمهورية، عملاً أكثر صعوبة. وهذا يتطلب حرباً أهلية.

ان تصوير حميد هو، الى حد ما، تكرار لعملية الثورة الإيرانية (٧٨-١٩٧٩). وأنا لا اعد ذلك اكثر الحالات احتمالاً. ذلك أن أجنحة الجمهورية الإسلامية والقوى السياسية المتدخلة في ايران، مجاهدي خلق، اليمين الغربي، والشيوعييين وغيرهم لا يسيطرون على الساحة، ولايتركوها، دفعة واحدة. وأكثر الاحتمالات هو أن تحدث الانتفاضة هذه المرة في بدايات الثورة وليس أواخرها.

إن بعض التاكيدات في النص هي احادية الجانب الى حد كبير وبعضها خاطئة، مثلاً:

٭ "لم يبقى ادنى مجال للشك في أن ثمة ثورة أخرى في إيران هي في طور التبلور"
برأيي، ليس هناك من شك في أن النضال من اجل اسقاط الجمهورية الاسلامية في إيران سيبلغ ذروته. ولكن، هل سيرتقي هذا الى ثورة ما، انه لأمر مشكوك فيه. بالنسبة لحميد، تعد الثورة أمراً مفروغاً منه، وان السؤال يتمثل بـ"أي مسار ستتخذه الثورة". وبتصوري فإن المسار المحتمل هو ان لا يؤدي هذا العمل الى الثورة، بل يؤدي الى انقلاب وانقلاب مضاد. يزول النظام وتدخل البلاد في مرحلة معقدة من انعدام الاستقرار السياسي والصراع العسكري.

٭ "اننا نعلن، بواسطة شعار الجمهورية الاشتراكية، أن العمال، في الثورة التي على الابواب، سيدفنون الرأسمالية مع الجمهورية الاسلامية".
هذا هو بالتأكيد ما ننشده ونريده. ولكننا لا نقول في هذا الشعار شيئاً يخص حتمية أن الثورة على الأبواب، وعما سيقوم العمال، بل نحن نتحدث عن حتمية إسقاط النظام وعما نريده.

٭ "ان استناد الحزب على هذا الشعار يقوم على الرؤية بحتمية اندلاع الثورة واسقاط النظام" (نص نفس السؤال الثاني).
برأيي، كلا. فالقرار يتحدث عن حتمية بلوغ النضال من اجل اسقاط النظام أوجه، وليس عن الثورة. واستناد الحزب على هذا الشعار، طبقاً لنص القرار، هو من اجل جعل شعار الحزب شعاراً ملموساً في خضم النضال من اجل اسقاط النظام.

٭ "ومثلما يتنبأ حزبنا بالثورة واسقاط النظام".
لقد تنبئنا بإسقاط النظام، ولكننا لم نتنبأ، بالضرورة، بالثورة.

٭ "الثورة الإيرانية التي على وشك الاندلاع ليست مستثناة من هذه القاعدة".
٭ "شعار الجمهورية الاشتراكية، في الحقيقة، هو بيان اكثر جماهيرية لشعار الحكومة العمالية في الأوضاع الثورية الراهنة في ايران".
لا اعتقد أنه يمكن وصف الأوضاع الراهنة في ايران بأنها أوضاع ثورية. اما شعارنا فهو لاوضاع النضال الواسع من اجل اسقاط النظام. حتى لو لم يكن هناك وجود لثورة ما.

٭ "يمكن إقامة الجمهورية الاشتراكية فقط بواسطة الثورة، لأن النظام الإيراني لا يُزاح بالكلمات الطيبة".
الثورة ليست البديل الوحيد لـ"الكلمات الطيبة". ينبغي اسقاط النظام الإيراني بالعنف. بيد ان كل عنف ليس ثورة بالضرورة.

٭ "في هذه الثورة، ليست الطبقة العاملة لوحدها. بل إن الأغلبية العظمى للمجتمع، أي النساء، الشباب واقسام واسعة من الفئات المحرومة في المدن ستقف الى جانب العمال في هذه الثورة".
في أية ثورة؟ يمكن ان يكون هذا التصور صحيحاً في الصراع من اجل اسقاط النظام (بالرغم من أن الشباب والنساء سينقسمون أيضاً). ولكن في الثورة من اجل تحويل "النظام الاسلامي الى آخر نظام رأسمالي"، لن يجر العمال، بالطبع، الأغلبية العظمى معهم.

وباختصار، إن هذه المقابلة تتعلق بحتمية الثورة، وأن شعار الجمهورية الاشتراكية يستنتج منها. من الممكن ان تكون مرغوبية الثورة، وحتى إمكانيتها، أي واقعية إمكانيتها وعدم خياليتها في ايران اليوم، هي موقف الحزب. ولكن اعتبار الثورة حتمية ليس موقفنا الرسمي وهو سيكبل أيدينا السياسية ويوثقنا ويسمرنا بمسار من بين عدة مسارات محتملة.

برأيي، وطبقاً لنص القرار، ينبغي ربط الشعار بالنضال من اجل اسقاط النظام والدعاية للثورة استناداً الى كونها أمراً مرغوباً به من قبلنا ومن قبل الجماهير. إن فكرة حتمية [الثورة-م]، ناهيك عن انها على الابواب، ليست، بتصوري، أمراً صحيحاً. وعلى الأقل، ليس هذا هو قرارنا المُصادَق عليه. فمثل هذا التفسير يتطلب قراراً حول الأوضاع السياسية يكون قد بيَّن حتمية الثورة.

ولو كان حميد يتحدث، في موضوع مستقل، حول المسار المحتمل للاوضاع من وجهة نظره، لكان من الممكن نشر كل هذا. ولكن هذا التفسير لشرح قرار مهم وجديد، يعني الإقرار على هذا التفسير [تفسير حميد-م] بوصفه الخط الرسمي. وهذا ما ينطوي، بتصوري، على إشكالات.

نقاط أخرى

٭ إن صيغة السؤال الثالث ليست جيدة بتصوري. فمن البداية يتخذ المجيب موقفاً دفاعياً كي يزيل، بألف مشقة وجهد، الشبهات عن نفسه وعن الحزب. وقد ذكر حميد مراراً وتكراراً ان اشتراكيتنا تختلف عن الاشتراكية الروسية والصينية. ويبدو أنه يعكس على الارجح قلقنا نحن أنفسنا. من الممكن أن السؤال لو طرح بصورة أكثر إيجابية وأقل تلبساً، لأدى الى جعل الجواب توضيحياً أكثر وأكثر استحكاماً.

٭ جواب السؤال الخامس يكتنفه النقص. فبالإضافة الى بحث الثورة الذي اشرت اليه، اشك في أن السائل سئل أيضاً عن صلة إسقاط النظام بالنضالات الجارية والاصلاحية وربما الاقتصادية واتصالها حلقة بحلقة من اليوم حتى ذلك اليوم. ولم يحظَ هذا الجانب من السؤال بالإجابة.

عاشت أياديكم

منصور حكمت


نشرت هذه الرسالة لاول مرة مع المقدمة المذكورة في جريدة كومونيست، جريدة الحزب الشيوعي العمالي الايراني-الحكمتي، العدد ٨٣ الصادر في ١١ اذار ٢٠٠٦. تمت الترجمة عن النص المذكور اعلاه.


ترجمة: فارس محمود
hekmat.public-archive.net #3887ar.html