Status             Fa   Ar   Tu   Ku   En   De   Sv   It   Fr   Sp  

بديل الشيوعية العمالية

حوار اذاعة انترناسيونال مع منصور حكمت


ماجدي: في هذا القسم من البرنامج، نتحدث مع منصور حكمت ليدر الحزب الشيوعي العمالي الايراني. منصور حكمت، اهلاً وسهلاً بك في البرنامج.

حكمت: شكراً جزيلاً.

ماجدي: منصور حكمت، لقد تحدثت امس بخصوص التحولات التي جرت في العام المنصرم عن افق التحولات السياسية للعام المقبل، يبدوا ان عام حافل بالتحولات قد انصرم، وامامنا عام حاسم. في العام المنصرم، فشلت حركة ٢ من خرداد، والتفت انظار الجماهير الى الحركة الداعية لاسقاط النظام والى تحرك الاحزاب النشطة في هذه الحركة. الجماهير تبحث عن سبيل حل، والحزب الشيوعي العمالي الايراني قوة جدية مطروحة في هذه الحركة، لماذا يجب ان يختار احد ما هذا الحزب؟

منصور حكمت: يمثل كل من الاحزاب السياسية اهدافاً ما دون شك، تنشد تغيرات ما. الحزب الشيوعي العمالي ممثل المساواة، الحرية، العدالة الاجتماعية، مجتمع عصري، مساواة المراة بالرجل، الانعتاق من استغلال العمل الماجور وغير ذلك. ينبغي ان تختار الجماهير الحزب الشيوعي العمالي الايراني لانه السبيل الوحيد الموجود برايي من اجل الحرية السياسية وحياة اجتماعية وانسانية، ومن اجل الرقي الثقافي في ايران. بوسع الجماهير ان تضع احزاب سياسية اخرى في عمود وتكتب مطاليبها في ذلك العمود وتقيس مطاليب وسياسات الحزب الشيوعي العمالي، لترى لماذا يجب عليها اختيار الحزب الشيوعي العمالي الايراني. هل ان رجل دين معتدل يفترض انه، بدل من ان تنفذ ١٨ مرة عملية الرجم، سيقرر الى تخفيضها الى (٦) مرات. هل هذه امنية ينبغي على جماهير ايران ان تتطلع اليها؟ او ان تضع النساء الحجاب وسط الشعر، اي ان تسحبنه للخلف قليلاً؟! ام تلك المطاليب الى على جماهير ايران ان تمضي اليها لبناء مجتمع حرٍ ومتساوٍ يكون انموذجاً للعالم المعاصر؟ ان هذا الاختيار، توفر لجماهير ايران لاول مرة الان بعد سنوات (وقصده وجود الحزب-م)، وبوسعها تغيير النظام السياسي-الاجتماعي، وينبغي برايي اتخاذ قرارات كبيرة. ان الحزب الشيوعي العمالي الايراني هو ممثل هذا التغيير الاساسي في المجتمع.

ماجدي: تحدثت عن "رجل دين يخفض حالات الرجم الى ٦ مرات والحجاب و.."، اعتقد لنذهب نحو الميادين المختلفة. يعني اي امرء ذا صلة معينة بامر ما وفي ميدان معين من الحقوق المدنية والاقتصادية بوسعه ان يجد مايريده. اول سؤال يطرح هو ان الجماهير تنشد الرفاه الاقتصادي، حياة مرفهة وسعيدة، ماذا يقول الحزب الشيوعي العمالي الايراني، وماهو برنامجه بهذا الخصوص؟

منصور حكمت: ان الدعوى اساساً بين معسكرين اساسيين في المجتمع. معسكر يؤمن بان الانسان ياتي للعالم للعمل لكائن اسمة الرأسمال، وبحدٍ يسد رمقه لصباح يوم غد، يمضي للسوق ليستلم راتبه ويذهب لامرار معيشته، ومعسكر يقول ان الناس متساوين، الافراد احرار، متساوين، وعلى المجتمع ان يستفاد من كل شخص بقدر استعداده، وان يضع امام كل شخص مايحتاج. مجتمع لايكون الانسان فيه سلعة، لايأخذوا قوة عمله ليبيعوها في السوق. ولانه مواطن، ولانه اتى للعالم، لديه حقوق من الناحية الاقتصادية، ينبغي تامينها، من الغذاء، العيش، المسكن، وغير ذلك وصولاً للحاجات السياسية والثقافية، حاجات التربية والتعليم، الصحة، الطب وغيره. نظام يعتبر هذه حقوق الجماهير. وعليه، الصراع بين قطبين اساسيين: الراسمال والاشتراكية. في معسكر الراسمالية، هناك ممثلين مختلفين. احدهم يريد رمي السوق الحر بكل قباحاته على الناس، واخر يقول على سبيل المثال، ناخذ قسم من الصحة من ايدي السوق ونضعه كجزء من مهمات الدولة.

وعليه، من الناحية الاقتصادية، يطرح الحزب الشيوعي العمالي نظاماً، ويسعى من اجل ارساء نظام يشارك فيه الناس بوصفهم مواطنين احرار، وينبغي ان ينالوا من حصيلة المجتمع بقدر حاجاتهم. ان هذا هو الاساس العام للشيوعية. برنامج اقتصادي قصير المدى ومحدد على سبيل المثال لهذا العام او العام المقبل. بوسعنا الحديث عن جزئياته اذا اردنا، بيد ان هذا هو الاطار العام الذي ينبغي على اي امرء ان يضعه بباله. نظامان احدهما يستند الى استغلال الفرد من قبل الراسمال، والاخر يستند الى التعاون الحر للبشر لبناء المجتمع. ان كلا النظامين مختلفين. نؤمن بان احدهما يجلب الفقر والمصائب مثلما يقوم به لحد الان، والاخر يجلب الرفاه والحرية.

ماجدي: رداً على نقطتك هذه، يطرح عادة ان هذه التغييرات منشودة، تغييرات نموذجية، لكن غير ممكنة، لايسمحوا بذلك، لايدعوا ذلك، ليست عملية.......

حكمت: ان هذا الكلام ليس عجيباً وغريباً دون شك. اعتقد ان اول عبد قال: اخي يجب ان تلغى العبودية، من المؤكد ان مئة شخص ردوا عليه: "اخونا، ماذا تقول؟! ان هذا كلام جميل ولكن ليس عملياً"! او ذلك الرعية الذي قال:"لا اريد ان اكون رعية لاقطاعي"، رُدَّ عليه:" سيعصفوا براسك ان قلت هذا، انه حلم وخيال وغير ذلك". عاش الناس الفين او ثلاثة الاف عام في ذلك النظام العبودي، وبعدها رات انه يمكن تغييره. الاشتراكية امر عملي منذ زمن. ان يجلس الافراد ويقرروا ماذا عليهم ان ينتجوا، وكيف عليهم توزيعه، لايعمل احد عن احد، بل يعمل الجميع للجميع وللمجتمع، ان لاتُرهن معيشة احد، اي عليك ان تجد عمل، تضحي كي يسمح لان يكون لك مسكن او اطعام طفلك. ان هذا امر عملي وليس فيه شيء غريب. ان قال امرء ما ان هذا لايمكن تحقيقه، اقول له ان هذه دعاية. "لايمكن تحقيق هذا" هو جزء من مسار الحيلولة دون حدوث هذا التحول. ان المرء الذي يقول ان هذا لايمكن تحقيقه، هو، برايي، انسان حَلَّ من المعسكر المقابل ليقوم بدعايات سلبية، جاء ليقوم بحرب نفسية. لماذا ليس عملياً؟ امور كثيرة جداً اخرى يمكن تحقيقها، لماذا هذه غير عملية؟ ان الوضع الانتاجي، ونعني للمجتمع الراهن، بشكل يمكن معه تماماً تنظيم المجتمع الاشتراكي، تحقيقه، اعداد الخطة والبرنامج له. ليس ثمة حاجة لقوى عمياء باسم السوق وعوامل مثل الفقر والحاجة ان تصوغ المصير الاقتصادي للمجتمع. انه بوسع القرار الواعي لاناس يشعرون بالحبور والغبطة ومتساوين ان يتخذوا هذا القرار.

ماجدي: ثمة سؤال يطرح في كل مكان: كيف بوسعك فعلاً تامين الاشتراكية وهذا الرفاه الذي تتحدث عنه بصورة واقعية: مسكن للجميع، الصحة المجانية، التربية والتعليم المجاني، وان على كل امرء ان يذهب بطواعية وحرية للعمل؟ ان هذا لايتناغم مع وضعية المجتمع وطبيعة الانسان. ماذا تقول عن ذلك؟

حكمت: ان بحث طبيعة الانسان هو امر يبعث على الاستهزاء برايي. ان اخلاقيات الانسان، معاييره، ضوابطه وقيمه تابعة للمرحلة الزمانية والتاريخية التي يعيش فيها. ان الكثير من قيم ماقبل الفين عام لايمكن تصديقها الان، تصديق ان الانسان كان يفكر بهذا الشكل. ولهذا فان الكثير من الاحكام البديهية والقيم التي نعتقد اليوم انها بديهيات، وان الانسان هو بصورة عامة كذلك، سيقول الناس عنها بعد مئة عام اية افكار بدائية كان يحملها الناس في القرن الحادي والعشرين. وعليه، ينبغي ان نضع جانباً موضوعة القيم. ماذا يكون عليه البحث من الزاوية العملية كي يتحقق المجتمع هذا. ان عوائق اقامة مثل هذا المجتمع هي حزمتين اساسيتين: احدهما العوائق السياسية، اي ان الطبقة الحاكمة ليس لها مصلحة في خلق تغيير هذا النظام، وتبغي بصورة جلية ان تحول دون ذلك بطرق سياسية. دور الحكومات، الكنيسة، مؤسسة الدين، الجرائد ووسائل اعلام الطبقة الحاكمة التي تسعى بصورة سياسية لتحول دون نجاح القوى التي تريد ارساء مجتمع حر ومتساوي، مجتمع اشتراكي. من التعذيب والسجون والاعدامات واطلاق الرصاص وصولاً الى الدعايات اليومية لوسائل الاعلام هي جزء من سعي واعي للطبقة الحاكمة لصيانة نظامها. من الواضح انك اذا اتيت وقلت: اخي العزيز، ليس من الضروري ان تكون وسائل الانتاج ملك شخص، اي بالوسع ان تكون ملك المجتمع، بالوسع ان تكون من ممتلكات المجتمع وينظم المجتمع الانتاج من خلالها، ماهي ضرورة ان تكون بيد الحاج الفلاني او بيد ذلك الراسمالي، وانا اعمل لديه كي يمنحني راتبي، ولكنه يأخذ البضائع ليبيعها لنفسه. بوسع المجتمع ان لاينظر الى منتجاته بعين بضاعة. من الواضح عندها ستنتاب مشاعر الحاج عدم الارتياح، وسيعم عدم الارتياح اتحاد الراسماليين، وان دور الدولة في المجتمع الراسمالي هو بالاساس ان تتصدى للطبقة العاملة والحركة الداعية للمساواة والعدالة الاجتماعية ولاتسمح لها بالظفر. عبر الحملة على احزابها، عبر خنق حرية التعبير، عبر خلق اجواء القمع والاستبداد، عبر الدعايات المحرفة من الصباح حتى المساء. اجلس يومياً امام التلفاز ووسائل الاعلام الغربية، ستدرك اي خزعبلات يضخوها للجماهير والاجيال اللاحقة على انها الحقيقة، وعبر هذا السبيل يصونون نظامهم.

وعليه، فان العائق الاول الذي ينبغي ان نزيله هو العائق السياسي. ينبغي انتزاع السلطة. اولاً، ينبغي على الطبقات التي هي ذات مصلحة في ارساء مثل هكذا مجتمع حر، واساساً الطبقة العاملة واؤلئك الذي يشاطروها افقها ان تنتزع السلطة، ان تنتزعها من الحكومة البرجوازية، من حكومة الراسمال. وبعدها نبلغ المسائل الاقتصادية. هل من الناحية الفنية، من الناحية الانتاجية، التكنولوجية، من ناحية منظومة الحمل والنقل، من ناحية قدرة البرمجة، يمكن تنظيم مجتمع ياتي الناس فيه عبر طريق ما بوصفهم مستهلكين ليقولوا ماذا هم بحاجة اليه، ومن باب اخر يذهبون، بوصفهم منتجين، لانتاج تلك القائمة من الاشياء التي يحتاجوها؟ ان هذا عملي جداً من الناحية الاقتصادية.

برايي، ان صعوبة الشيوعية اليوم والاشتراكية اليوم لايكمن في بعدها الاقتصادي، ولا في بعد تنظيم الاقتصاد الاشتراكي، بل بالبعد السياسي. هل يمكن تحقيق هذا النصر السياسي؟ على النقيض من مئة عام قبل. برايي، قبل مئة عام، ان الشيوعي الذي بوسعه انتزاع السلطة في بلد مثل روسيا كان يواجه بحقيقة انه يعد امراً صعباً من الناحية الاقتصادية ان ينظم المجتمع مثل هذا الاقتصاد، اقتصاد الحرية والمساواة. بيد ان عصرنا هو عصر اخر. لقد تنامت القدرة الانتاجية للبشرية اليوم بصورة لامثيل لها. وتطورت صلة الارتباط والمعلومات بين البشر الى حد كبير. اي بوسعك اليوم ان تسال جميع الناس رايها. من الناحية الفنية، يعد امراً عملياً، بوسع الجميع ان يراجع مكان ما، يكتبون سطرين في الكومبيوتر، تذهب كلها لمكان ما يصبح معلوماً ماذا يريد الجميع، حجم حذاء مواطن ما، كم بنطال يحتاج، هل يحتاج الى تلفاز ام لا، هل يحتاج الى فواكه، حذاء رياضي و... ماذا يريد؟ بوسع كل امرء ان يبلغ المجتمع حاجياته. ليس ثمة ضرورة لوجود سوق يضع المرء نقود في جيبه وبعدها يذهب الى السوق ليرى هل تكفي بنطالين ام لا؟ بوسع الناس ان يقولوا ماذا يريدون، تقول المدارس ماذا تريد، وبوسع المؤسسات ان تقول ماذا تريد وبعدها نبلغ قائمة من السلع المطلوبة، نبلغ قائمة من المنتجات التي على المجتمع انتاجها او توفيرها. من ذاك الطرف، يقف الناس بوصفهم منتجي هذه القائمة وينظموا الانتاج الاجتماعي بهذا الشكل.

ان كان يبدوا عجيباً وغريباً، فان ذلك يعود الى اننا اعتدنا هذا النظام القائم. تعودنا ان الدولة موجودة، تعودنا ان امر وناهي من فوقنا، اعتدنا ان راسمال موجود، وانه لامر مثير حين تفكر بهذا. اذا اراد معاون وزير زيادة معاشه، لن ينطق الوزير بكلمة، سيوجه الغاز المسيل للدموع على غرفة معاونه. ولكن حين يقول العامل "اخي، اعطينا اجرنا، اعطينا اجرنا الذي لم تدفعه من العام المنصرم"، يشنون حملة على المجتمع، لانه يطلب ان يحترم صاحب القرار والاتفاق اتفاقه، يشنون الهجوم عليه. تقول "انا عامل لم تمنحني اجوري منذ سنة"، يشنون حملة عليك. ولشدة مايمسك هذا العنف، وهذه الضغوطات، وهذه التحريفات البرجوازية ووسائل الاعلام والدين وغيره بخناق المجتمع القائم، يجعلنا لانصدق ان من الممكن العيش بطريقة اخرى. انه ليس امراً صعباً. اذا تخلصت من شر هذه الامور، بوسعنا ان نعيش بصورة اخرى تماماً. ان عائلة امنت معاشها ويجلب من السوق لبيته شيئاً ليستهلكه، عندها علاقة الاجر بين افراده غير موجودة. نعرف انه بوسع عدة ان يعيشوا مع بعض ويستهلكوا مع بعض ذلك الشيء الذي يحصلوا عليه. في المجتمع القائم، ما ان تخرج من العائلة، عليك ان تعمل لدى احد ما. اذا تفتقد المال، ليس من حقك ان تعيش، لايحق لك ان تشتري، لايحق لك ان تستهلك. ان الاشياء التي هي حقك ينبغي ان تذهب لتحصل على اذن باستهلاكها عبر العمل لدى احد، الذي هو يعطيك امراً محدداً من القدرة الشرائية بوصفه اجر كي تذهب لتشتري، اذا استطعت.

ان هذا نظام طبقي، اعتدنا عليه هكذا. اذا استطعنا من الناحية السياسية تحطيم هذه المقاومة، ان كنا احراراً لاتخاذ القرار في المجتمع، عندها لن يكون برايي اقامة مجتمع اشتراكي امراً صعباً كثيراً. يمكن تمحيص جوانب اخرى منه من مثل هل بوسع نظام اشتراكي ان يستمر في عالم راسمالي او ماذا يحل بالتجارة الدولية وغير ذلك. ولكن يمكن حل هذه الامور. برايي لازالت المشكلة في البعد السياسي والايديولوجي. هل بوسعنا تحطيم المقاومة الكبيرة للطبقة الحاكمة، نستولي على السلطة ونرسي مجتمع حر ونستلم زمام امورنا بايدينا ام لا.

ماجدي: سؤالي هو ليس ثمة اي انسان عاقل يرفض صحة هذه المطاليب، مجتمع مرفه مقابل مجتمع يعمه دمار وفقر و... المسالة المطروحة هنا: كيف ووفق اي عملية بوسع الجماهير ان تختار، تختار هذا البديل، الصلة بين بدائل السيء والاسوأ الموجودة عادة في المجتمع او تطرح له؟

حكمت: اولاً، المسالة ليست بالشكل التالي: اي ان كل الجماهير تختار هذا. اذا اخذنا جميع افراد المجتمع بنظر الاعتبار، ليس لاغلبيتها مصلحة في الوضع الراهن. ليس بوسعك ان تكون قائد حملة عسكرية مهمتها ان تلجم العمال في اطار العمل وان تلزم المثقف الصمت وتحول دون كتابة مقالة او حديث احد، تقمع الاحزاب وتكون لديك مصلحة في نظام عقلاني يكون فيه الناس احراراً. ان هذا الطرف يسعى لتأمين امتيازاته عبر هذا السبيل. وعليه، فان قسماً من المجتمع، اقلية، ذا مصلحة في النظام الموجود وتقاوم كي لاتفقد امتيازاتها، اذا تغيرت. ولكن كيف تختار الجماهير؟ برايي ان سبيل هذا هو ليس المضي مثل دين، مثل فئة دينية تطرق بيوت الناس باب باب وتبشرهم بالمجتمع الجديد. انه مسار سياسي. تضع احزاب طليعية اقدامها في الميدان، تعلن برنامجها، تجمع حداً ادنى من القوى حولها بحيث تنتصر في هذا النضال السياسي، تربيهم بعد ذلك في هذا المسار الجماهيري الهائل بمثل هذا الافق وامكانية تحقيقه. اذا يعتقد احد ما ان الشيوعية دين، تسعى لارشاد الناس ووعظهم وليس له ربط بمكان ما، فان المرء لايتخلى عن حياته الراهنة بهدى ذلك الارشاد ويعتكف في صومعة اشتراكية. ينبغي ان تكون الشيوعية حركة سياسية حية يراها الناس. ان بوسع هذه القوة ان تنتصر. بوسعها على سبيل المثال ان تتغلب في ايران على الحركة الاسلامية، ان تتغلب على اليمين الموالي للغرب، الملكيين، المحافظين القوميين، والذين نرى اية مجتمعات اقاموا. بوسعها ان تقيم علاقات مع امريكا والغرب بحيث تتمكن من صيانة بقائها، بوسعها ادارة المجتمع، بوسعها ان تتصدى للطبقة الحاكمة على نطاق واسع. اذا رأت الجماهير ذلك، عندها سيقول حتى اكثر من هم عديمي الايمان بها، لنجرب هذا النظام. اذا كان من المقرر ان نرشد، وفقط ان نرشد، فان هذا ليس بجواب برايي. ينبغي ان نؤسس حزب سياسي، وينبغي ان نشارك في صراع السلطة. ان مفتاح هذا الامر برايي هو الشيوعية بوصفها حزب سياسي حي تبدوا على ملامحه امكانية الانتصار، وان اول ذلك هو ان يطرح نفسه. ان جرى ذلك، سيحل عندها بدل الكثير من اللاقناعة، الترحيب والانضمام والانخراط في هذه العملية برايي.

ماجدي: لنتناول الان مسالة الحرية، الحقوق المدنية والحقوق الانسانية. ماذا تقول الشيوعية العمالية بهذا الخصوص، ولماذا ينبغي على الجماهير ان تختارها-الشيوعية العمالية-؟

حكمت: برايي ثمة سؤال بسيط على كل امرء يفكر بطرح مقولة الحرية والتحرر امام نفسه وان يجد جواب لذلك، وهو لماذا القمع والاستبداد موجود اساساً؟ لماذا ان جمع ما لهم مصلحة في ان لاتكون هناك احزاب سياسية، ان لاتصدر جرائد، ان لايسمح لاحد ان يقول مايود ان يقوله، ولماذا يتم التصدي لحرية التعبير اساساً؟ ماهي المشكلة، واين تكمن؟ ثمة جواب بسيط حول الامور التي تحدثنا عنها. ثمة جمع ليست له مصلحة، من الناحية الاقتصادية، في الحرية. ان كانت هناك حرية ان ينتظم العمال، ان تؤسس احزاب يسارية، ان تطرح افكار جديدة، وتنتقد الناس الخرافات وغير ذلك، ستضعف اسس سلطة وحكم الراسمالية وطفيلية اقلية في المجتمع. وعليه، فان القمع لايعود الى سوء اخلاق ديكتاتور ما، وانما يعود الى حاجة الراسمال والراسمالية والربح. لقد وجد اول سؤال جوابه هنا. ولكن اي تيار اجتماعي، واية قوة طبقية بوسعها ان تجلب الحرية؟ ان تلك القوى التي بوسعها ان تجلب الحرية هي التي يكون مجتمعها لايستند الى الربح والاستغلال واستغلال الاخرين. ليس لها مصلحة في اخراس الاخرين. ليس لها مصلحة في الحيلولة دون الاراء الحرة للجماهير والافكار الجديدة وغيرها.

عندها نبلغ ونصل الشيوعيين والاشتراكيين والطبقة العاملة، الشيوعية مجتمع ينشد عدم استغلال احد لاخر، وان لايكون لاحد يد طولى على اخر، في مجتمع مثل هذا، ليس من المقرر ان يوجد العامل مجتمع استغلالي جديد بدل للذي قبله، من المقرر ايجاد مجتمع ليس فيه استغلال، ليس لشخص مصلحة في استغلال الاخرين لانه ليس بوسعه ان يكون مالكاً لشيء الذي هو راسماله. كل الراسمال هو ملك مجتمع مواطنيه احرار. وعليه، فان الشيوعية والاشتراكية ذات مصلحة بصورة حقيقية في حرية التعبير، في حرية الاحزاب، في ان يقول الافراد مايودون قوله. وذلك لانه ليس من المقرر ان تكون الحيلولة دون حديث الجماهير اساس السلطة او اساس بقاء النظام الاقتصادي.

ان هذا اول سؤال. ان جاء امرء على سبيل المثال ليقول "انا ممثل الراسمال الصناعي او امثل الراسمال الغربي او نحن تجار السوق، اننا مناصري حرية الراي والتعبير"، ان السؤال الذي اوجهه له اذا كانت صادقاً فيما تقول اولاً لماذا لم يطرح مجتمعك لحد الان مثل هذا الشكل من المجتمع، بالاخص في ايران. ثانياً، اذا كنت نصير حرية التعبير وتحدث القائد العمالي الفلاني غداً عن اننا نريد حقوقنا، ننفض ايادينا من العمل، نضرب، نؤسس نقابة، نؤسس مجلس، هل ان قصدك هو ان تتركهم يعبرون عن رايهم، ان يحشدوا قواهم، يوحدوا العمال ويحصلوا على اجورهم؟ الاتعتقد، بعد ذلك، انه سيجتمع اصحاب المعامل ليتصلوا بامريكا، يهرعون للجيش ليقوم بانقلاب على من تفوه بهذا الكلام؟ طالما الراسمال موجود فالحرية في خطر. طالما الراسمال موجود، بوسعهم، متى شاءوا، ان ينقضوا حرية التعبير. لقد راينا مراراً حكومات شبه ليبرالية وشبه ديمقراطية في بلدان في الحكم لسنتين ، ما ان تصاعدت الاضرابات وما ان نمى زغب الحركة الطلابية واتسع نطاق توزيع الجرائد، قام جنرال، جيش، امرء ما بانقلاب اعاد الامور للوضع السابق وذلك لان الراسمال لن ينفق ويغدق الاموال عليه. في مكان مثل اوربا الغربية، حيث يوجد نوع من الديمقراطية وذلك لان العالم قد تم تقسيمه، طرف يكشف عن استبداده وديكتاتوريته في بلدان العالم الثالث ويوفر، عبر ذلك، درجة من الدعم السياسي والثقافي لمجتمعه. اذا قرر للاقتصاد هناك ان يغط في تلك الضائقة، فان اياديهم ليست قصيرة في القمع كذلك. اضرابات مناجم بريطانيا على سبيل المثال هو نموذج لذلك. اذ اوقف امرء ما، يبغي ان يمضي ستمئة كيلومتر صوب تلك الجهة من مدينته لينظم الى اضراب عمال المناجم، في بيته دون اي مبرر. وضعت الماكنة الدعائية الحكومية لتنفث الحملات القذرة والسموم بحق عمال المناجم وقادتهم. وعليه، الاستبداد جزء من نظام الراسمالية وان النقطة المقابلة لها هي الحرية والحقوق المدنية هما شرط تحقيق مجتمع حر واشتراكي.

قد يجادلونا بالقول: حسناً، ان هذا لم يتحقق في نظام الاتحاد السوفيتي والصين. برايي، على مستمعيكم ان يعلموا ان هذه لم تكن انظمة شيوعية. بدء المجتمع السوفيتي بثورة عمالية، ولكن وقعت حكومة هذه الثورة خلال ١٠ اعوام عملياً بيد القوى القومية التي تريد مرة اخرى ارساء شكل اقتصادي جديد للراسمالية يستند الى العمل الماجور. لم تكن الصين في اي وقت من الاوقات اشتراكية. كانت الماركسية والشيوعية آنئذ راية يمكن جمع العمال والكادحين حولها من اجل اهداف سياسية. وحملت الكثير من الحركات التي كانت، في المطاف الاخير، غير شيوعية من حيث ماهيتها، هذه الراية. مثلما هو الان كذلك، حيث الديمقراطية هي الموضة، يطلق الكثيرون على انفسهم صفة ديمقراطيين حتى الفاشيون كذلك يطلقون على انفسهم ديمقراطيين. في ذلك الحين، كانت الشيوعية، اواسط القرن العشرين، ذا اعتبار بحد كان تطلق الحركات القومية، الحركات الداعية الى تاسيس البلدان، الحركات القومية،الحركات الموالية لدولنة الاقتصاد على نفسها اشتراكية وقامت بعملها ومضت نحو اهدافها تحت هذا الاسم. ولهذا ينبغي ان لانكتب هذا على جبين الشيوعية.

ان المجتمع الاشتراكي الذي نتحدث عنه هو مجتمع منفتح وحر بوسع المرء ان يقول مايشاء. في المطاف الاخير، ان حق التعبير عن الراي هو حق كل انسان اتى للعالم، وبوسعه ان يقول مايشاء. ليس من حق احد ان يحول دون ذلك. ان هذا امراً مسلماً به عندنا، ونعتقد ان المجتمع الاشتراكي هو من يحققه. واعتقد ان التيار الوحيد في الساحة السياسية لايران من يدافع عن مثل هذه الحرية غير المقيدة والمشروطة وان لاتكون هناك اي شروط على الافكار والتعبير عنها هو الحزب الشيوعي العمالي. انصت لما تقوله الاحزاب السياسية، ستسمع فورا شروطهم: على شرط ان لاتمس المقدسات القومية، ان لاتتطاول على المقدسات الوطنية، ان لاتدوس على المقدسات الدينية، ان تتلائم مع ثقافتنا، ان لاتخرق التقاليد القومية والاعراف والتقاليد، ان لانعرض الدولة لعدم الاستقرار. ويعلنون اوضاع طواريء بمجرد الاحساس، ولو ذرة، ان مكانتهم في وضع خطر. حتى ان نفس الناس الذين يوعدون بالارتقاء والانفتاح السياسي، سيعلنون اوضاع طواريء ويقوموابانقلاب. ان الجناح الاصلاحي للحكومة، الذي هو مهزلة اساساً، لايوعد بحرية الراي، ناهيك عن تحقيقه. انهم يريدون نظام اسلامي استبدادي تنظف اياديه الدموية بالمناديل الورقية بين فترة واخرى. ان هذا مايريدوه.

ماجدي: اعود لجانب اخر من القضية. فيما يخص صف المعارضة، نرى سبل حل معينة. هناك بحث حقوق الانسان، وانه نحن دعاة وانصار اعلان حقوق الانسان، وجعلوا هذا رايتهم. ماهي الاختلافات المطالبية التي للحزب الشيوعي العمالي بهذا الصدد وتشابهه مع اعلان حقوق الانسان.

حكمت: ان اساس اعلان حقوق الانسان هوالاقرار بالملكية ويدافع عن حق الملكية لوسائل الانتاج. انه لمسلمة لديه ان المجتمع يستند الى السوق، وان المجتمع راسمالي. حين تقرأ اعلان حقوق الانسان، تراهيتحدث عن الحقوق المدنية في مجتمع راسمالي. ان بحثي هو انه طبقاً لذلك ستبقىالحقوق المدنية على الورق. بالنسبة لـ٩٠% من سكان العالم لم يتحقق حتى شكل شبه ملموس له. اذ تبين عشرة بلدان في اوربا الغربية عن درجة من ديمقراطية وتحمل هيئتها الحاكمة، فيما يرزح ٩٠% من سكان العالم في ظل حكومات استبدادية ويعيش الاقتصاد الراسمالي العالمي اجمالاً عبر هذا السبيل. يتمثل بحثنا بان مايعد به اعلان حقوق الانسان هو زاوية صغيرة، ظل من تلك الحريات الواسعة التي تؤمنها الاشتراكية.

ان السؤال المطروح هو، مثلما ذكرت، ليس حول كم وباي شيء يعد. ان السؤال اليوم هو: ارتباطاً بالمكانة الاجتماعية والمكانة الاقتصادية لحركته، من بوسعه تحقيق ذلك؟ اني لاقبل وعداً من امرء بمنحي الحرية ممن يريد ان يعطيني اجراً كي اعمل عنده. وذلك لانه اذا اردت اجراً اعلى، سيكون مجبراً على قمعي. ان هذه ببساطة هي الصيغة التي تقف خلف الموضوع. كلما اراد العمال زيادة اجورهم بحدٍ ما، ممايعني اجبار الطرف الاخر على خفض ارباحه، يجدون سبيلاً للوقوف بوجه هذا الاضراب والحيلولة دون التنظيم. ولايقتصر الامر عند هذا الحد. اذا اراد العمال ان يتحلوا بالوعي بماينبغي ان يكون عليه العالم، ان ارادوا استئصال الدين من محيطهم الاجتماعي واجواء عائلتهم، ان كان من المقرر ان تتساوى المراة بالرجل، ان تكون هناك حرية نقد المعتقدات البالية والخرافية والتقاليد القومية والدينية، تعرض هذه الامور كلها استقرار الطبقة الحاكمة للخطر، ويبين هذا عن نفسه بتخفيض الارباح. اذا رفعت هذه القيود من الافراد وازلتها من كواهلم، لن يعملوا لاحد مجاناً.

وعليه، يُقمع الابداع والتقدم الفكري جميعها بدرجات. كما تقمع ايضاً في البلدان الراسمالية المتقدمة. لاتظن انه فقط في ايران يحولون دون انتقاد الدين على سبيل المثال، فاذا كانت معلم وتحدثت مرتين ضد عيسى المسيح، ستفقد عملك غداً. المسالة هكذا ببساطة. واذا كنت صحفي وتتحدث في غمرة حرب امريكا على العراق وتقول لماذا اطلاق الصورايخ على بغداد وعلى المدنيين، ستفقد عملك. او ان قلت لماذا في المطاف الاخير لم يقدم احد الى المحكمة الجنائية الدولية اثر القاء القنابل في هيروشيما وناكازاكي. ليس معلوماً اية مصيبة ستحل على هذا المرء في امريكا واوربا الغربية. انها هذه هي المجتمعات التي عندهم.

برايي، ينبغي ان لانقبل بوعد من يتعقب الربح. بوسع امرء ما ان يكون تحررياً في حالة كونه على استعداد لان يكون داعية مساواة على صعيد الاقتصاد. والا فان اللامساواة الاقتصادية تترجم فوراً الى لامساواة سياسية. وبوصفي محتجاً على اللامساواة السياسية، فان لذلك الطرف حكومة، ويقمع. ثمة درجات مختلفة، ولكن الامر كذلك في كل مكان.

ماجدي: تحدثنا عن الرفاه والسعادة والرفاه الاقتصادي والاجتماعي. المقولة المطروحة الاخرى هي المساواة: انهاء التمييز بين المراة والرجل، بين الامم والاعراق. ماذ تقول الشيوعية بهذا الصدد؟

حكمت: اساس الشيوعية هو انهاء التمييز. اي ان مسلمة كل الفكر الشيوعي هو ان الناس متساوين بغض النظر عن اللون، العرق، الجنس او العمر. الناس متساوون، ينبغي ان يتمتعوا بحقوق متساوية، ولا ان يتمتعوا بحقوق متساوية فحسب، بل ان يكونوا في مكانة متساوية لتحقيق امالهم. قد يكون من حقي وحقك في امريكا ان نكون رؤساء جمهورية، بيد ان ٦٠ مليون هو المال اللازم للدعاية، وهو مايجعل احد ما قادر على الذهاب لترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، وان تكون له حظوظ الفوز بالانتخابات. حسناً، اذن من المؤكد ان كل امرء لديه ٦٠ مليون دولار بوسعه ان يرشح نفسه، ولكن لا اعلم كم امرء في امريكا يتمتع بحق ان يكون رئيس جمهورية. لقد ذكرت انه ثمة نماذج كثيرة. لحد هذه اللحظة لم تصبح امراة رئيس جمهورية، او حتى ليس للملون اي جرأة لترشيح نفسه. ان هذه كلها تتحدث عن حال وواقع ان الناس لايتمتعون بمكانة متساوية في المجتمع وذلك لانهم يستفادون من الحقوق السياسية واللفظية التي يقال ان الجميع يتمتع بها. ان بحث الحزب الشيوعي العمالي وبحث الشيوعية عموما هو المساواة –الشكلية والسياسية على السواء، سواء في القوانين و في الاجواء الاجتماعية، ان يكون بشكل بحيث ان يتمتع كل امرء بمكانة اجتماعية متشابهة لتحقيق اماله وامانيه.

ماجدي: لقد تحدثنا عن المساواة الاقتصادية، يطرح بهذا الصدد، ان الناس غير متساوين، لايقومون باعمال متساوية، يتحلون بامكانيات وقابليات متفاوتة، لماذا يكونوا متساويين في الحصول على ماينتج؟

حكمت: لاينالون بشكل متساو. ينالون بشكل متساو يعني ان عليهم ان يحصلوا جميعا على كيلوغرامين من الرز على سبيل المثال، او ان يحصلوا جميعاً على تلفاز ٢٥ بوصة. ان هذا ليس تصورنا للمساواة. في الشيوعية، يقصد ان كل انسان يقف في مكانة متشابهة لنيل حاجاته. ونظراً لكون حاجات الانسان ليست واحدة، ولهذا فان ماينالوه من المجتمع لن يكون واحداً. نحن لانعتقد بوجوب ان يكون الناس ذا شكل واحد ومتشابه ومتساوي. على العكس، نقول ان اشكال التنوع والتفاوت يجب تحقيقها بصورة متساوية. تريد ان تكون صباغاً، وتحب ان تكون كذلك، ينبغي ان يكون بوسعك ان تكون صباغاً. امرء يود ان يكون طبيباً، ينبغي ان يكون بوسعه ان يكون كذلك. ينبغي ان يكون بوسع الناس تحقيق تنوعهم واختلافهم، وان يكون بوسعهم ان يكونوا هم انفسهم. بالمناسبة ان النظام الراسمالي من يجعل البشر شيء واحد ويماثلهم. يغذي الجميع شكل معين من الطعام، شكل معين من اللبس، يضع حياة معينة من البداية امامنا، سيناريوهاته متشابهة تقريباً. ارتباطاً بقدومك للعالم في عائلة فقيرة او عمالية او غير ذلك، رسم لك مستقبلاً سلفاً، وتسير انت وغيرك، ماعدا استثناءات ما، لتخط الطريق الذي رسم لك. ان الاشتراكية بالعكس على وجه الدقة، لاتريد ان يكون البشر متماثلين وبشكل واحد، بل تنشد وضعهم في مكانة متساوية ليحققوا ما يعتقدون فيه انه انفسهم، ويرتقوا بقابلياتهم. انه ليس الحديث عن شكل واحد، بل وحدة حقوقهم وتساوي مكانتهم.

ماجدي: ثمة سؤال يطرح كثيرا في الاجتماعات المختلفة للندوات او يرسل الى اذاعة انترناسيونال ومفاده اذا انتزعت الشيوعية العمالية في ايران السلطة، حين تصل السلطة، كيف بوسعها مجابهة حملات الغرب، الدول الغربية وامريكا؟ مسالة اطلاق القنابل والصواريخ والسعي لاطاحة ذلك النظام. لقد راينا ان امريكا والدول الغربية والناتو قد قامت بذلك في اماكن مختلفة. ماهو ردكم على هذا؟

حكمت: ينبغي التمييز مابين الشيوعية العمالية وبين ذلك الامر المتعارف عليه لليسار الشرقي القديم. من الناحية الثقافية، من وجهة النظر الاجتماعية، من زاوية المثل السياسية ونماذجها، فان الجذور التاريخية للشيوعية العمالية في الغرب، في الاشتراكية العمالية لاوربا. وعليه، اننا نتحدث عن مسار وتيار ثوري واشتراكي غربي ياتي للسلطة في ايران. ان عقائد ماركس، عقائد انجلس، الايديولوجيا الشيوعية لعامل صناعي هي اوربية غربية. انه ليس حديث عن حركة قومية على سبيل المثال صينية ترفع هامتها بوجه الغرب او رفع الحركة الاسلامية لقامتها بوجه الغرب المسيحي. بل يتعلق الامر برؤية اخرى، جذورها في تاريخ المدنية الغربية، بمعنى ان تهب بوجه الراسمالية. وعليه، فان هذا الشق الذي قد يفكر امرء ما بوجوده لدى الحركة الاسلامية من الناحية الثقافية مع الثقافة السائدة في الغرب، ليس لدى الشيوعيين مثل هذا الشق والفاصلة. قد يكون هناك شيوعيين بدائيين، اناس لانتحدث عنهم كشيوعيين. بيد ان الشيوعية العمالية حركة معاصرة. ان جذورها في تاريخ المدنية الغربية. جذورها في ظهور العمال الصناعيين والمجتمع الصناعي المعاصر. ولهذا، بمعنى ما، فان الاستفزازات الثقافية ضد مجتمع تسنم الحزب الشيوعي العمالي السلطة فيه هو امر غير عملي. انه مجتمع منفتح، بوسع المواطن الاوربي والامريكي ان يتفهم ذلك تماماً. ليس مطروحا الحديث عن: ان هؤلاء غامضين، لانعرف عن ثقافتهم، وبالتالي يخلقوا منها كائناً خرافياً. بوسع كل من يريد ان يتجول في طهران الاشتراكية، ويرى كيف تعيش الناس، اي موسيقى يسمعون، اي حفلات يقيمون، ماذا يدرسون في المدارس، وماهي علاقاتهم الفردية. ولهذا امراً صعباً جداً بالنسبة للغرب ان تقد شيطاناً من المجتمع الاشتراكي في ايران في نظام شيوعي عمالي. اي ان الراي العام في الغرب هو احد حماتنا، اذ يقولون انه مجتمع حر. ثانياً، ينبغي ان نسعى من الان للعمل من اجل حشد الحركة الاممية للطبقة العاملة. المسالة ليست كما لو ان بوسع الطبقة الحاكمة في امريكا واوربا الغربية ان تقوم بكل ماتريده. ليس الامر بهذه البساطة.

مجتمع منفتح، حر، ليس مغلقاً، لايكمن خلف جدار حديدي، مجتمع عصري، مجتمع انساني يمكن رؤيته بشفافية من قبل العالم الغربي، برايي، مصان امام الاستفزازات العسكرية للاجنحة اليمينية في المجتمع الغربي. اني متفائل بهذا الصدد، واعتقد انه امراً صعباً. ليس بوسعهم ان يقولوا على ايران حكومة صدام حسين او ليبيا، وذلك لان جميع مراسلي العالم هناك يعكسون انه مجتمع متمدن، متساو، وحر. مكان الغيت فيه عقوية الاعدام، اعلنت مساواة المراة والرجل، الصحة حق الجميع،التربية والتعليم مجانيان للجميع، النقل مجاني لكل من يريد ان يذهب لمكان في المدينة. ليس امراً سهلاً شن حملة على مجتمع مثل هذا. ليس مجتمعاً مغلقاً بحيث تنقل عنه ماتشاء من صور.

ليس مجتمعاً مغلقاَ حتى تصوره كيفما شئت. ان الحرية والانفتاح هما افضل رأسمال لمجابهة الغرب. زد على ذلك، من الناحية الدبلوماسية، لن نناصبها العداء.. انه لجلي كثيراً ان الثورة في هذه البلدان هي مهمة الطبقة العاملة لتلك البلدان، ونحن نمد يد العون، كل عون، بهذا الخصوص. بيد انه ليس من المقرر لحزب شيوعي عمالي في دولة اشتراكية ان يقوم باعمال استفزازية ضد العالم الغربي وضد الهيئة الحاكمة الغربية والناتو ويدفعهم للحرب. ينبغي اتخاذ اسلوب عقلاني. ينبغي ارساء مجتمعك. ينبغي ارساء الحرية هناك، وتطرح نموذجاً ياتي اناس العالم بشوق ليسعون لتحقيقه في بلدهم كذلك. ان هذا امراً عملياً.


ان النص الاعلاه هو نص شفاهي بالاساس. تمت الترجمة عن النص الفارسي المنشور في سايت منصور حكمت: hekmat.public-archive.net
نشر لاول مرة بالعربية في جريدة الى الامام اعداد (١٥٠، ١٥٢) الصادرة في (منتصف ايلول ومنتصف تشرين الاول ٢٠١١)
ترجمة: فارس محمود

Arabic translation: Faris Mahmood
hekmat.public-archive.net #3400ar.html