Status             Fa   Ar   Tu   Ku   En   De   Sv   It   Fr   Sp  

ثابت بثبات الحزب!

ان الحركة الاخيرة للرفيق فرهاد بشارت هي حركة سياسية وتنظيمية مفهومة، لها اسم في عالم السياسة: السعي لمسائلة المكتب السياسي، سكرتير اللجنة المركزية والسكرتير التنفيذي للحزب والسعي للحصول على سحب ثقة اللجنة المركزية بهذه القيادة وانتخاب هيئة اخرى على راس الحزب. لقد كتب الرفيق بشارت لائحة مسائلته، ومن اجل تعبئة الاعضاء وكذلك كسب راي اعضاء اللجنة المركزية، نشرها فورا ومباشرة داخل صفوف الحزب. ان مثل هذه الحركة تحدث دوماً في الاحزاب السياسية المعاصرة من حزب الليبرالي الياباني الى حزب المحافظين في بريطانيا.

ان نفس سياسية والطابع المحدد لحركة رفيق بشارت تعطينا المجال، على خلاف استقالة الرفاق رضا (مقدم) ومجيد (محمدي) وازاد (نسيم)، وبدل التاسف والحدس والشك والاصرار والتاكيد، لنتحدث عنها باعصاب هادئة، بصورة سياسية ومحددة. نفهم معناها ونقول راينا بها. فكروا بهذه النقاط:

١- لماذا تطرح هذه المسائلة اليوم. ان لائحة فرهاد بشارت، وبكل انتقاداتها، من محفلية القيادة الى "اهمية الاذاعة الصهيونية الرجعية بالنسبة لنا" (اجراء اذاعة اسرائيل لمقابلات مع كوادر قيادية في الحزب حول اوضاع ايران-م)، ومن دعاية الحزب حول اسقاط النظام الى عبادة الشخصية و"الدور السماوي والمقدس لمنصور حكمت"، كان يمكن طرحها كلها في البلينوم ذاته الذي عقد قبل اشهر، وبحضور كل اللجنة المركزية، وعدد كبير من كوادر الحزب. لماذا لم يحصل هذا؟ في ذلك البلينوم، طرحت رؤيتي حول خطوط حركة الحزب المقبلة، بحضور كل اللجنة المركزية و٤٥ كادر بارز في هذا الحزب، وطرحتها لحكم الرفاق عليها. لماذا لم يطرح المنقذ الراهن للحزب هذه اللائحة في ذلك اليوم؟ لماذا لم يبدي أي اعتراض او ملاحظة على تلك الابحاث؟ في ذلك البلينوم انتخب المكتب السياسي وفق مامعمول به في هذا الحزب السياسي المنفتح. قبل عدة اشهر في مؤتمر الحزب، لم اعط فرهاد بشارت صوتي للجنة المركزية، الرفيق بشارت في هذا البلينوم اعطاني وصوت لي لعضوية المكتب السياسي. لماذا بدل هذا العمل لم يطرح لائحة تغيير هذه القيادة والمكتب السياسي امام الرفاق الحضور؟ في غضون هذه المدة، أي اجحاف قام به منصور حكمت بحق فرهاد بشارت، أي جملة قال، أي انعطافة قام بها حتى يستلزم اليوم اصدار هذه اللائحة؟

ان علة هذا الامر واضحة، وهي سياسية ولها اسم في عالم السياسة. في ذلك اليوم لم يرى رفيقنا تناسب القوى في الحزب واللجنة المركزية مناسبا لطرح لائحة المسائلة وجلب التاييد لها، ولذا لزم الصمت. اما اليوم فهو يعتقد ان تناسب القوى قد تغير. ويعتقد ان هذه القيادة تحت المطرقة وفي ضائقة وذلك لاستقالة الرفاق رضا ومجيد وعلى قوله "الضجيج والصخب السياسي في خارج الحزب" (جراء الاستقالات-م) و"خطر الانهيار" و"فقدان الاعضاء"، وحتى لو ان هذه اللائحة لن يتم اقرارها ايضاً، فان فرصة تغير توازن القوى سيزيد من احتماليه دخوله للمكتب السياسي. ودون شك، ان هذا الاسلوب ايضاً نمط نضال حزبي داخلي من اليابان الى بريطانيا.

ولكن "الحقائق" وكذلك السمة السياسية التي تقف خلف هذه الاستراتيجية تتسم باشكال. ساعود الى الحقائق لاحقاً. لو نفترض ان الحزب يواجه فعلا الان مثل هذا الافق الكالح الذي يرسمه فرهاد جراء استقالة مجيد وازاد، ماهو الرد الفعل الطبيعي المتوقع من عضو حزب لايريد ان يترك الحزب مع رضا ومجيد وازاد، امرء يبغي ان يبقى في هذا الحزب وان يعبر هذه المرحلة ويناضل كذلك من اجل اهدافه المعلنة؟ يعلن مثل هذا الرفيق، مثلما قام بذلك رفاق كثر في هذه المرحلة، ان الحزب في مكانه، وان مشروعيته، مشروعية لجانه، قيادته، تنظيمه ليست تحت طائلة السؤال والشك مع استقالة هؤلاء الرفاق. يبقى في الحزب مثل الامس، ويقول كلامه مثل الامس، يصوت ويقوم بفعاليته. وكلما كان هذا الافق اكثر قتامة ويصور بصورة اكثر قتامة، يبين عن هذه الصلابة بصورة اكثر جلاءا واكثر لامشروطية واكثر صدحاً. ففي كونفرانس تحدثت مع رفاق الحزب في كندا وقلت لهم اذا "تركت الحزب" يوماً ما، فان ما اتطلع اليه منكم اليوم، وما اتطلع من أي عضو حزب يعرف لماذا اتى الى هذا الصف هو ان لايسمح لاحد ان يرفع علم الحزب على النصف على شكل عزاء وازمة، ينبغي ان يبقى ملتفاً حول القيادة كي يحاصر عواقب هذا الحدث الذي يجابهه الحزب. في المعركة التي دخلناها بوصفنا جمع من الشيوعيين، نرفع رايتنا اعلى واعلى في "اللحظات الجسيمة". لو ان الرفيق فرهاد بشارت مقتنع بروايته فعلاً حول وضع الحزب لحد الان، فانه لن يخرج للاسف من هذه التجربة المهمة بسلام.

٢- اما حول الحقائق، هل تغير تناسب القوى؟ حين يرى السيد واتانبا الاوضاع متازمة في الحزب الليبرالي الياباني، ويراها مناسبة كي يسائل القيادة ويهب لانتزاع مكانة، يامر فورا مؤسسة استطلاع الاراء ايضاً كي يقيم بالارقام والاحصائيات الامكانية الحقيقية لنجاح هذه الخطوة وهذه اللائحة. يقول فرهاد بشارت ان في الحزب ازمة، وان عدد اخر من اعضاء اللجنة المركزية على وشك الاستقالة، وان الحزب يدعم لائحته، هل ان هذه حقائق ودلائل؟ كلا، انها دعاية حربية. وعليه، لايحتاج الى مؤسسة كالوب لاستطلاع الراي. يستطيع الرفيق فرهاد بشارت ان يرفع سماعة الهاتف ويسال اعضاء اللجنة المركزية فرداً فرداً حول رايهم بلائحته وخطوته. بوسعه ان يسال اللجان الحزبية حول حجم ومدى ابعاد الازمة. هل لهذا اللائحة فرصة للاقرار عليها وان تنال الاصوات في البلينوم؟ هل ثمة امكانية لكسب الدعم الملحوظ في الحزب لهذه اللائحة؟ اذا لا، الى أي شيء من المؤمل ان تؤدي اليه هذه الحملة؟ ان الجواب واضح، وانه سياسي ايضاً وله اسم في عالم السياسة: الحصول على امتياز وفرض المساومة على القيادة الحالية. واذا لم يحدث ذلك، رفع بلاتفورم للانفصال اواستمداد العون من ورقة للانفصال. ان الرفيق بشارت ذكر ايضاً في لائحته مضمون هذه المساومة والامتياز الذي ينشده. لحسن الحظ ام سوءه، ان هذا الحزب يستند الى الانتخابات وان قراراته فيما يخص خطط العمل والقرارات تقدم بشكل مدون امام الجميع للاقرار عليها. على سبيل الافتراض، اذا اراد امرء ما ان يعطي هذه الامتيازات للرفيق بشارت في اللجنة المركزية كي يعلن بدلاً من ذلك انتهاء ازمة الحزب، فان المنظومة الديمقراطية لانتخابات اللجنة المركزية وطرقنا في اقرار السياسات لاتفسح المجال لاحد مثل عقد الصفقات هذه. ولكن دعكم من كل هذا. ليست موضوعة الازمة مطروحة اساساً. ان تناسب القوى لم يتغير. الحزب ليس تحت المطرقة وفي ضيق. انهم يوجهون الضربات له كي يساوموه برخص، يصورون الحزب في خراب كي يسهل عليهم وبراحة بال تركه. نقول مرة اخرى، الحزب في مكانه، صلب وراسخ. لدينا معارضة، لدينا اناس غير راضين، ويشنون حملة على الحزب اكثر بمئة مرة من خارجه، ومن المقرر ان اناس ينشدون "ثقب نفاختنا" ويكتب لنا "نظرة من الداخل" (كتابات بعض على غرار بشارت-م). بيد ان الحزب الشيوعي العمالي سيجتاز بصلابة ورسوخ مجمل هذه المسائل. انها مرحلة نمو الحزب. وحتى ان هذا النمو لن يكون وئيداً.

٣- المكتب السياسي، بوصفي اول شخص موضوع هذه المسائلة، سارد في البلينوم المقبل على رفيق بشارت وكل سطر من سطور لائحته شعرة شعرة. بيد ان بحث الثقة والمسائلة هي ثنائية الطرف. ان الرفيق فرهاد بشارت في اكثر اسطر مقالته حقيقية، في اخر سطر منها، يعلن بوصفه سياسي جدي انه اذا الحقت الهزيمة بلائحة مسائلته، سيستقيل من الحزب. اذا وصل الامر لهذا الحد، بعمل الرفيق فرهاد هذا، فان هذا هو السبيل الوحيد الباقي له من الناحية السياسية.

٤- هل سيترك كوادر اخرى الحزب مع فرهاد؟ اذا كان هناك امرء في الحزب فقط وفقط من اجل فرهاد، ويبغي ان يترك الحزب مع فرهاد بشارت، لانستطيع القيام بشيء. سيذهب ايضاً حتى لو عرضنا امام انظاره مجمل العقائد، البرامج، خطط العمل، المساعي، مجمل الصراعات والجدالات التي احدثها الحزب في المجتمع. ولكن برايي ان رفاقنا، مثلما هم ليسوا "اتباع منصور حكمت"، ليسوا"اصدقاء فرهاد بشارت" كذلك. اناس مستقلين، بتاريخ طويل على الاغلب ومفعم بالنشاط السياسي، يعرفون لماذا اتوا وماذا يعملون هنا. من ناحيتي، لن اترك حتى عضو واحد في الحزب. لن اترك أي كان وحيداً مع رواية فرهاد بشارت.

يقولون ان هذه الاوضاع خلقت اسئلة لدى الرفاق. يسألون الا ارى نقصاً في عملنا. ان مجمل حياتنا السياسية هو طرح الاسئلة وايجاد الاجوبة. ان اساس تقليدنا السياسي هو النقد. انه حزب سياسي حر، لجنته المركزية اكبر من مجمل اعضاء بعض التنظيمات الاخرى للمعارضة. ان جلساته واجتماعاته مفتوحة امام الجميع. في كل مناسبة يجمع الكوادر كي يبحثوا ويناقشوا ويشاركوا. في هذا الحزب ان جواب العضو هو سهل، بيد انه يرد على عابري السبيل بدقة وبصورة وافية. ينبغي توجيه السؤال، ينبغي قول عدم الرضا. ولكن ينبغي الانتباه للسمة السياسية للحدث الراهن. لدينا نواقص كثيرة، ولكن السذاجة ليست احداها.

رفاق، سيحصل الرفيق فرهاد جواب يتعلق بماهية لائحته بالتفصيل في البلينوم. ان ماينبغي سماعه منا اليوم هو ليس تقرير فدراسيون اللاجئين، واسباب تغيير شكل جريدة انترناسيونال، وميزات مقابلة اذاعة اسرائيل والتذكير بان "محفل" اصغر (كريمي) (السكرتير التنفيذي للحزب) ونادر هو منتخب (عماد لائحة مسائلة فرهاد-م). بل ينبغي ان يتلقى نداء المسائلة هذا والتصويت على عدم الثقة بـ"لا" كبيرة، منا كلنا، "لا" عظيمة بقدر عظمة الحزب نفسه، وثابتة بقدر ثبات الحزب نفسه.

اشد على اياديكم
انها فعلا ايام مفعمة بالتجارب وخالدة!
نادر (منصور حكمت)
١٣ نيسان ١٩٩٩


نشرت لاول مرة في نشرة داخلية باسم "بحث"، العدد الاول، نيسان ١٩٩٩. وهي نشرة داخلية اصدرها المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي الايراني بعد استقالة جمع من اعضاء الحزب في ابريل ١٩٩٩، بهدف تعبير الرفاق عن ارائهم ومواقفهم، صدر منها ٣ اعداد فقط، بعدها، مع انتهاء اهمية المناقشات المتعلقة بالمستقيلين، فقدت النشرة مبررات اصدارها.
هذا النص، هو رد منصور حكمت على مقال كتبه فرهاد بشارت زامنه ومستغلا فرصة استقالة عدد من اعضاء اللجنة المركزية الذين ورد اسمائهم في المقال والذين تركوا الحزب في ١٩٩٩ دون ان يقولوا كلمة واحدة حول استقالتهم او حول اختلافهم، مروجين بعدها للسلبية والتصفوية واليمينية السياسية! (المترجم).

ترجمه عن الفارسية: فارس محمود
hekmat.public-archive.net #2560ar.html